غياب تكافؤ الفرص
إن ناقوس الخطر الذي قرعه الوضع التحكيمي المخزي الذي تعرفه البطولة الاحترافية، ما هو سوى صدى صغير لأزمة أكبر، تعرفها الممارسة الكروية في البطولة الاحترافية، والناقوس في الحقيقة هو تفريع لنواقيس خطر أكثر وأخطر، تصب كلّها في مسمى كبير هو “غياب تكافؤ الفرص”. تكافؤ صار يطل علينا من كل جهة ومنفذ، وأصبح المكتب المديري وهو الذي كان بعيدا تماما عن منطق المؤامرة، وجاء بإرادة راسخة لتهديمه، يعجز الآن عن إيجاد أجوبة لعدة أمور، سنستعرضها في النقاط التالية:
1.البرمجة: بالأرقام والإحصائيات يعتبر الرجاء الرياضي أقل فريق حصولا على عدد أيام راحة في هذا الموسم، مع العلم أنه لا يشارك في أي مسابقة خارجية، بل كأنّه يؤدي بدلا عن الفرق المشاركة هذه الضغوط الزمنية.
2.تعيين الحكام: عانى ويعاني نادي الرجاء الرياضي من تعيينات غريبة وغير مفهومة لحكام صار من المكشوف والجليّ أنهم يتربصون بالفريق، ولهم تاريخ مخزي في تدبير لقاءاته، والغريب أكثر أن كل لفت انتباه إداري أو علني للمستوى السيء لهؤلاء الحكام، فإن الرد يكون هو إعادة تعيينهم من جديد لقيادة مباريات الفريق، وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام، عن تدبير التعيينات والغايات الدفينة للمسؤولين عنها.
3.مواعيد المقابلات: في إحصائية لتوزيع فترات لعب المباريات، سجل نادي الرجاء الرياضي أرقاما تصنفه الأقل حصولا على لقاءات مسائية بين كل الفرق الوطنية، بشكل يثير الدهشة، حيث يتم الإبقاء على موعد الرابعة عصرا خصيصا للرجاء، سواء كان مستقبلا أو ضيفا.
4.التزامات سابقة: وهو ما عرفته اجتماعات رسمية سابقة، بالتزامات كانت واضحة وجليّة، أنه لن يكون هناك تأجيلات للفرق المشاركة خارجيا إلاّ بعد وصولها لمرحلة الربع في المسابقات القارية التي تشارك فيها، ولكن، وبشكل غريب، تعود التأجيلات، والمتضرر الأكبر هو التنافس النزيه، وتضرر الفرق غير المشاركة، وعلى رأسها الرجاء الرياضي، الذي سيطالب منه التضحية من أجل “صورة الكرة الوطنية”، وهي صورة يتم إقحامها في كل تبرير خدمة لمصالح معينة.
5.تسهيلات غير مسبوقة: والملاحظ أيضا أن الفرق المشاركة خارجيا تستفيد من كل إمكانيات التسهيل والراحة، بل وتُؤَجل بطولة من 16 ناديا من أجل تسهيل مهمة هذه الفرق، وفي المقابل عندما كان الرجاء الرياضي مشاركا في البطولات الخارجية، كانت توضع أمامه كل العراقيل والضغوطات، وواقعة الجزائر ليست بالبعيدة.
6.حرمان استثنائي: حُرم نادي الرجاء الرياضي من حقه في استقبال جمهوره، سواء كفريق مستقبل أو فريق ضيف، في ممارسة غريبة تسيء بحق لصورة الكرة الوطنية، وبدون أدنى تفسير منطقي، ففي الوقت الذي كانت غالبية الفرق تستفيد من حقها الطبيعي والمشروع بأن تُدعم معنويا وماديا من تواجد جماهيرها سواء داخل الملعب أو حتى في التنقلات، كانت العبارة الوحيدة التي يتلقاها الرجاء الرياضي هي: “الراجا..ممنوع”.
7.أثر مادي: هذا المنع له أثر مادي مباشر وحقيقي على مالية النادي، والتي سجلت عجزا بمقدار 3 ملايير سنيتم إلى حدود هذه اللحظة من عمر الموسم الرياضي الحالي.
8.العلاقة مع الشركاء: دون نسيان تأثير هذا الإغلاق على علاقة النادي بشركائه الذين يراهنون على شعبية النادي وجماهيريته، بالإضافة إلى رغبة العديد منهم الانتقال إلى احتضان المؤسسات الراعية للكرة وليس النوادي، بل منها من انتقل بالفعل لمؤسسات رياضية كبرى في البلاد وفسخ عقده مع الرجاء الرياضي، وهذا موضوع آخر أكبر وأعمق.
9.لجنة الأخلاقيات: عبد الإله الإبراهيمي انعقدت هذه اللجنة في أقل من أسبوع لمعاقبته، عقوبة قاسية وطويلة، ولم نكن حينها معترضين لأن هناك بالفعل تجاوز، ولكن الغريب جدا أن تصريحات ناطق ومسؤول باسم الوداد الرياضي انفجر متهجما على الجميع وكال الاتهامات الخطيرة والمزلزلة، ولم يعاقب ولو ليوم واحد بشكل غريب ويؤكد مبدأ اللاتكافؤ، زيادة على ذلك فريق الجيش الملكي الذي عوقب بست مباريات توقيف، تتحول بعدها لمباراة واحدة في مرحلة الاستئناف، وهذا يدّل على أمر واحد، يا أن يعاقب المصدر للقرار الابتدائي، أو يساءل الناطق بالحكم الاستئنافي.
إن هذا الوضع الذي يزداد تأزما لا يقتصر فقط على الرجاء الرياضي، بل العديد من الأندية عانت هي أيضا من تبعات الاغلاق والتضييق، وهو ما عزز من تفاقم مشاكلها، وللأسف بذل البحث عن حلول لإخراج الفرق الوطنية من أزماتها المالية يتم تعزيز هذه الأزمات في التضييق المالي عليها بعدم إبداء تسهيلات في أداء الملفات العالقة، أو المساهمة في تقوية ماليتها بتعزيز سياسة الاستثمار والاستشهار الرياضي، كأن الواقع صار دائريا، صنع أزمة الفرق من جهة، وانتظارها في آخر النفق لمفاقمة هذه الأزمة.
وفي الأخير، وانطلاقا من الواقع الرياضي الذي نعيش، ولولا أن منطق الأشياء يتطلب الابتعاد عن انتهاج منطق المؤامرة والاستهداف، لكن نحن كمكتب مديري لهذا النادي العريق والمرجعي، نُطالب من طرف جماهير النادي بالبحث عن أجوبة لهذه النقاط، والجواب يكمن عند من يشرفون على كرة القدم الوطنية، وفي غياب أجوبة واضحة فإن من حق كل مكونات نادي الرجاء الرياضي أن ترى في نفسها مستهدفة وأن جهة معينة غير واضحة تتربص بمصالح ناديها، والخوف الأكبر ليس فقط على وضع النادي، بل ومن باب الوطنية الصادقة، هو خوف على كرة القدم المغربية عموما.